الغزو الإيبيري ورد فعل المغاربة :
الدلالة التاريخية لمعركة وادي المخازن1578م
I. تضرر المغرب من تدهور الحكم المركزي الوطاسي ومن الاحتلال الإيبيري
لسواحله: 1 ـ تعددت مظاهر وأهداف وعوامل الغزو الإيبيري للمغرب: أصبح المغرب خلال القرن15م و16م محط
تهديدات خارجية قوية كالتهديدات العثمانية من الشرق، والغزو الإيبيري على
السواحل المغربية المتوسطية والأطلنتية دشنته البرتغال باحتلال سبتة 1415م، وركزت احتلالها للسواحل الأطلنتية في آسفي1508م، وأكادير1505م...، في حين احتلت اسبانيا السواحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط كمليلية1497م، وبادس1508م. كانت تحدو الإيبيريين من هذا الغزو عدة
أهداف، تتمثل أساس في اهتمامهم بالوصول إلى مناجم الذهب مباشرة في إفريقيا جنوب الصحراء لتجاوز الوساطة التجارية المغربية في البحر الأبيض المتوسط، كما يدخل هذا الغزو في إطار
الحملة الصليبية للقضاء على الإسلام. اتسمت السلطة المركزية الوطاسية خلال
القرن 16م بالضعف، بحيث انحصر نفوذها على بعض المناطق الشمالية، تركت السواحل عرضة للإحتلال الإيبيري منشغلة فقط بتهدئة الأوضاع الداخلية للمغرب خاصة بعد السياسة
الجبائية المتشددة التي اتبعتها لاحتواء الأزمة الداخلية، إلا أنها فقدت ثقة
السكان الذين تمردوا ضدها. |
Ⅱ - ظهر السعديون في المغرب مع بداية القرن16م على أساس الجهاد ضد الإيبيريين: 1 ـ تعددت ظروف قيام الدولة السعدية في المغرب: على إثر فشل الوطاسيين في طرد
الاحتلال الإيبيري، تمردت القبائل ضدهم، وتكفلت الزوايا بمهمة الجهاد والدفاع عن
البلاد، إلا أن ذلك لم يكن كافيا ما جعل قبائل سوس تبايع الشريف محمد القائم سنة 916هـ / 1510م لأجل إعادة توحيد البلاد وطرد الاحتلال الإيبيري فكوّن جيشا وعمل
على تسليحه وتنظيمه، وبادر إلى إعلان الجهاد ضدهم. 2- قام السعديين بجهود كبيرة لإعادة توحيد المغرب: انطلق السعديين من تارودانت وتمكنوا في عهد أحمد الأعرج (1524 – 1544م) من السيطرة على
مدينة مراكش1525م، ومن تحرير واسترجاع معظم السواحل سنة 1541م من قبضة الاستعمار
البرتغالي كأكادير أسفي، وأزمور..، في حين تمكن أخيه محمد الشيخ (1544 – 1557م) من
القضاء على الدولة الوطاسية سنة 1554بعد معارك طويلة وضم مدينة فاس، إضافة إلى
مواجهة الأخطار العثمانية من الشرق. Ⅲ ـ تعددت أسباب معركة وادي المخازن، وتنوعت نتائجها: 1- تعددت أسباب
المعركة: استنجد محمد المتوكل، بعد خلعه من العرش من قِبَل عمه عبد الملك
(1576 – 1578م) بملك البرتغال دون سباستيان للاستعانة به في استرجاع العرش مقابل
التنازل له عن سائر السواحل المغربية، فنزل ملك البرتغال والمتوكل بجيوشهما قرب
مدينة أصيلا، وزحفا نحو وادي المخازن حيث انتصر الجيش السعدي بقيادة عبد الملك
وأخيه أحمد المنصور في معركة الملوك الثلاثة (معركة وادي المخازن سنة 1578م). 2- نتائج المعركة: - سياسية: هزيمة البرتغاليين ووقوعهم تحت الحكم
الإسباني، وبويع أحمد المنصور ملكا على المغرب في ساحة المعركة، وأقبلت عليه وفود
الدول المجاورة لتهنئته، وعرض عليه السلطان العثماني إبرام اتفاقية تعاون عسكري. - بشرية ومالية: حقق
المغرب مكاسب مادية تمثلت في مغانم كثيرة وفدية الأسرى وأخرى معنوية تجلت في سمو
مكانة المغرب دوليا حيث وضع حدا للأطماع الخراجية، ومقابل ذلك تسابقت الدول لربط
علاقات معه. |
خاتمـة: استطاع السعديون القضاء على الأطماع الخارجية، وإعادة بناء دولة قوية حافظت على استقلال ووحدة المغرب.
إرسال تعليق