أصبح نيرون أمبراطورًا سنة 54 ميلاديّة وهو بعمر 16 عامًا، وعرف عن ارتباط حكمهِ بشكلٍ عام بالتهوّر والاستبداد. في بداية حكمه، تلقّى النصائح كثيرًا، لكنه أصبح تدريجيا أكثر استقلالًا بشخصيته. في سنة 59 ميلادية، وبتشجيع من عشيقته بوبايا، قتل نيرو أمه. أُقيل سينيكا كبير مستشاريه وأُرغم على الانتحار. بعد وقوع حريق روما الكبير عام 64 ميلادية، قيل أن نيرو هو من أمر بإشعال الحريق من أجل إيجاد مساحةٍ لقصر جديد
تاسيتس
كان تاسيتس سناتورًا رومانيًّا ومؤرّخًا للإمبراطورية الرومانية. لم يعرف تاريخ ولادته بالتحديد، لكن معظم المصادر ترجع أنه إما في 56 أو 57 ميلاديّة. غطت أعماله الرئيسية والتي تشمل كتابيّ الحوليات والتواريخ تاريخ الإمبراطورية من عام 14 وحتى عام 96 ميلاديّة. لكن الكثير من هذه الأعمال فٌقد، بما في ذلك الكتب التي تغطي الأحداث بعد السبعين ميلادية. كان يبلغ من العمر 8 سنوات فقط وقت الحريق، لكنه كان قادرًا على استخدام السجلّات العامة والتقارير لكتابة قصة دقيقة.
اندلاع وانتشار النيران
قال تاسيتس أن الحريق بدأ في المحلات التي خزنت فيها البضائع القابلة للاشتعال في منطقة المدرج المجاورة لتلال كايليان وبالاتين بروما.
كانت ليلة الحريق رياح عاصفية، الأمر الذي ساهم في انتشار النيران على طول المدرج. امتد الحريق إلى منطقة من الشوارع الضيقة والكتل السكنية القريبة.
في هذه المنطقة المنخفضة من روما القديمة لم تكن هناك مبانٍ كبيرة مثل المعابد، أو مناطق مفتوحة من الأرض، لإيقاف الحريق. انتشرت النيران فيما بعد على منحدرات تلال كايليان وبالاتين. هرب السكان أوّلًا إلى المناطق التي لم تتأثر بالحريق ثم إلى الحقول المفتوحة والطرق الريفية خارج المدينة. أفيد بأن الناهبين ومشعلي الحرائق نشروا النيران عبر إلقاء الشعل أو تشكيل مجموعات تعوّق اتخاذ التدابير اللازمة لوقف أو إبطاء سير النيران. توقّف الحريق بعد ستّة أيام من الاشتعال المُتواصل، لكن سرعان ما اشتعلت النيران لثلاثة أيام أخرى. من المحتمل أن المسيحيين كانوا ينظرون إلى النار باعتبارها بداية للحكم الأخير، الذي كانوا يتوقعونه في وقت قريب، وعلى هذا تجنبوا التدخل في تقدمه، وانضموا إلى أولئك الذين أعاقوا رجال الإطفاء، كما يصف المؤرخ تاسيتس.
ما بعد الحادثة
وفقًا لحكاية تاسيتس، كان نيرون بعيدًا عن روما في أنسيو عندما اندلع الحريق. عاد نيرون إلى المدينة واتخذ إجراءاتٍ لتوفير الموادّ الغذائيّة والحدائق العامة والمباني العامة لإيواء المشردين. دُمّرت 3 مناطق بالكامل من أصل 14 منطقة في روما، وتحوّلت 7 مناطق أخرى إلى بضعة أطلال محروقة ومهترئة، ولم يتبق سوى 4 مناطق نجت من الحريق. دمر الحريق معظم ما كان في طريقه بسبب سوء جودة البناء، حيث دُمّر معبد جوبيتر ستاتور، وقصر نيرون، ومعبد دومس ترانسيتوريا.
دمّر الحريقُ أيضًا جزءًا من المنتدى الذي عاش فيه أعضاءُ مجلس الشيوخ الرومانيون وعملوا، لكن المركز التجاري المفتوح في وسط المنتدى نجا وأصبح مركزًا تجاريًّا.
وما زاد من تفاقم اتهامات نيرون بإشعال النار سُرعته في إعادة بناء الأحياء المحترقة على الطريقة اليونانية وإطلاق بناء قصره الجديد. كان القصر الجديد المعروف باسم البيت الذهبي ضخمًا يغطي ثلث مساحة روما
ويقال كذلك على حسب حسب الاسطورة التاريخية الرومانية على أن نيرون أمر باشعال الحريق لتوسعة قصره الذي شمل أكثر من 12 كيلومترا، وتقول الاسطورة كذلك ان نيرون كان متحمّسًا لتدمير المدينة حتى يتمكن من تجاوز مجلس الشيوخ وإعادة بناء روما كما في مخيلته.
هلك في هذا الحريق آلالاف من سكان روما واتجهت أصابع اتهام الشعب والسياسييّن تشير إليه بأنه هو المتسبب في هذا الحريق المتعمد، وتناقل أهل روما بالأقاويل عليه وتعالت كلماتهم وتزايدت كراهية الشعب نحوه، وأصبح يحتاج إلى كبش فداء يضعه متهماً أمام الشعب، وكان أمامه اختيار إما اليهود أو المسيحية الحديثة في روما، ولكن كان اليهود تحت حماية بوبياسبينا إحدى زوجات نيرون، فألصق التهمة بالمسيحيين، وبدأ يلهى الشعب في القبض على المسيحيين واضطهادهم وسفك دمائهم بتقديمهم للوحوش الكاسرة أو حرقهم بالنيران أمام أهل روما في الستاديوم وفي جميع أنحاء الإمبراطورية. حتى إن مؤهلات الولاة الذين كانوا يتولون الأقاليم هو مدى قسوتهم في قتل المسيحيين، وسيق أفواج من المسيحيين لإشباع رغبة الجماهير في رؤية الدماء، وعاش المسيحيون في سراديب تحت الأرض وفي الكهوف، وما زالت كنائسهم وأمواتهم إلى الآن يزورها السياح.
إرسال تعليق